لم يعد الذكاء الاصطناعي يقتصر فقط على كونه أحد المفاهيم التقنية، بل أصبحنا نتعامل معه كقوة الدفع التي تعزز من ابتكار تجارب عملاء استثنائية، كما أصبح ذو دور محوري في تغيير آليات التعامل بين الشركات والعملاء، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنه هناك نسبة لا تقل عن 72% من أصحاب الأعمال يضعون في مقدمة اعتبارهم تطبيق الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي خلال الفترة الحالية لفتح آفاق جديدة للابتكار في تجربة العميل.
كما أن الذكاء الاصطناعي سوف يلعب دور فعال في تحسين مستقبل تجربة العميل نظراً لاندماجه في مختلف الأعمال، مما يسمح لبناء علاقة قوية بين الشركة وعملائها وتحقيق أفضل النتائج بل وزيادة الإنتاجية أيضاً، حيث أن بعض الإحصائيات أشارت إلى أن الاستعانة بالمساعدة الافتراضية على سبيل المثال قد يعزز من الإنتاجية بنسبة لا تقل عن 14% حال المقارنة بينها مع الأداء التقليدي للموظفين.
والآن سوف نتعرف على مفهوم الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي وأهم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يمكن استخدامها لتحسين تجربة العميل وأهم المعوقات التي تواجه تطبيق AI في قطاع الأعمال وطرق مواجهتها.
اقرأ أيضًا:- تعرف على أهم مزايا تجربة العملاء
تعريف الابتكار في تجربة العميل
يمكننا تعريف الابتكار في تجربة العميل على أنه تلك العملية التي تستهدف تطوير وتطبيق بعض الأفكار أو الاستراتيجيات أو التقنيات جديدة التي من شأنها تحسين تفاعل العميل الشامل مع إحدى المنتجات أو الخدمات أو العلامات التجارية، أي أن الأمر لا يقتصر على كونه تحسين بعض الخدمات أو المنتجات فقط، بل تعزيز رضا العملاء نحو المنتج من خلال تغيير منظورهم نحو المنتج وآليات التفاعل معه، أي أنه يهدف باختصار إلى تقديم تجربة عميل مميزة ولا تُنسى.
عناصر الابتكار في تجربة العملاء
هناك العديد من العناصر التي تعزز من تقديم تجربة ناجحة للعملاء باستخدام الابتكار والتي تتلخص فيما يلي:

- فهم احتياجات العملاء بعمق والتعرف على نقاط الضعف لديهم وآرائهم الإيجابية أيضاً من خلال إجراء الأبحاث واستطلاعات الرأي.
- الاستعانة بالتقنيات التكنولوجية الحديثة من خلال إدراج الاستفادة من الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال لتعزيز الابتكار واستخدام تقنيات التحليل الحديثة والطرق الرقمية أيضاً لتحسين تجربة العملاء.
- وضع العميل هدفاً أساسياً عند صناعة القرارات والاهتمام بعقليته واحتياجاته حتى يشعر أنك تقدم تجربة خاصة به هو فقط.
- توفير آليات متنوعة للتواصل مع العملاء مثل وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الجوال ووسائل أخرى دون الاتصال بالإنترنت مثل المتجر المقدم للمنتج فعلياً.
اقرأ أيضًا:- أنواع العملاء الخمسة وتاثيرها على تجربة العميل
دور الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة العميل
يشهد قطاع الأعمال تحولًا جذريًا نظراً لسرعة تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي أصبح يؤثر بشكل كبير على طريقة تفاعل الشركات مع عملائها ويعزز من تحسين تجربة العميل، لذلك يساهم الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي فيما يلي:
- تقديم عروض وتجارب شرائية مخصصة من خلال فهم سلوكيات العملاء وتحليل تفضيلاتهم.
- تحسين رضا العملاء بتوفير روبوتات الدردشة لتقديم خدمة الدعم الفوري وتقليل مدة الانتظار.
- تحليل مشاعر العملاء وفهم احتياجاتهم وتطلعاتهم باستخدام استطلاعات الرأي أو متابعة تعليقاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- تعزيز قدرة الشركات على اتخاذ القرارات بصورة أفضل فيما يخص الخدمات واستراتيجيات التسويق وذلك بفضل التحليلات الدقيقة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.
- توفير الوقت والجهد لدى الموظفين من خلال أتمتة بعض الوظائف الروتينية مثل إدخال البيانات.
- تعزيز شعور العملاء بالولاء نحو العلامة التجارية وبناء علاقة طويلة الأمد نحوها من خلال توفير تجارب مخصصة لكل عميل على حدة.
أهمية تحسين تجربة العميل في السوق التنافسي
في عالم الأعمال اليوم، ووسط المنافسة الشرسة ووجود خيارات لدى العملاء لا حصر لها، فقد أصبح تحسين تجربة العميل عاملاً فعالاً للتميز والنجاح وذلك للأسباب التالية:
- التميز عن المنافسين: ففي هذا السوق المشبع فإن تجربة العميل الممتازة هي أيقونة تميزك عن منافسيك وتجعلك في مقدمة الخيارات لدى العملاء.
- زيادة ولاء العملاء نحو علامتك التجارية: عندما تقدم لعملائك تجربة إيجابية فإنهم يصبحون أكثر ولاءً لشركتك ومنتجاتك مما يؤدي إلى ارتفاع معدل مبيعاتك.
- ارتفاع الإيرادات: حيث أن العملاء حين يشعرون بالرضا ينفقون المزيد من المال ويشترون منتجات أكثر مما يساعد على ارتفاع أرباحك.
- تحسين سمعة الشركة: حيث أن تجربة العملاء الإيجابية تساعد على بناء سمعة قوية لشركتك، مما يجذب لك المزيد من العملاء الجدد.
- تقليل تكاليف التشغيل: إن العملاء لن يفكرون في التواصل مع خدمة العملاء حال شعورهم بالرضا عن خدماتك، مما قد يقلل من التكاليف والنفقات.
اقرأ أيضًا:- شخصيات العملاء Customer Personas
أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في تحسين تجربة العميل
إن الذكاء الاصطناعي قد يغير قواعد اللعبة تماماً في مجال تجربة العميل، مما يتيح للشركات تقديم تجارب مخصصة بل ومبتكرة أيضاً، ومن أهم أدوات الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي ومنها:

روبوتات الدردشة باستخدام الذكاء الاصطناعي Chatbots
تتمثل تلك التقنية في استخدام الخدمة الذاتية الذكية التي تدعم الذكاء الاصطناعي والتي تتمكن من الإجابة على استفسارات العملاء بصورة دقيقة وفورية مع تقديم الدعم على مدار الساعة.
كما تتمثل في مزودو خدمة المساعدة الصوتية مثل Alexa و Google Assistant والتي تسمح للعملاء باستخدام الأوامر الصوتية في التحكم في المنتجات والخدمات.
اقرأ أيضًا:- خدمة عملاء أمازون: 6 أشياء تجعلها تجربة سهلة
التسوق المخصص
يتمثل هذا التسوق في الاستعانة بالتوصيات الذكية عبر الذكاء الاصطناعي والتي تسمح للمتاجر الإلكترونية بتقديم التوصيات المخصصة للعملاء استناداً إلى تاريخ التصفح وسجلات الشراء.
كما يتمثل في استخدام محركات البحث المرئية التي توفر للعملاء إمكانية البحث عن المنتجات بواسطة الصور لتسهيل عملية الشراء.
تحليل المشاعر Sentiment Analysis
يسمح تحليل المشاعر للشركات بمتابعة ردود أفعال العملاء على وسائل التواصل الاجتماعي ومختلف مواقع الإنترنت لفهم مشاعرهم نحو العلامة التجارية، فضلاً عن توقع احتياجاتهم والتنبؤ بها قبل طلبها، مما يعزز من رضائهم عن تلك العلامة التجارية، كما تعزز تلك التقنية من زيادة معدل المبيعات من خلال توجيه العملاء نحو المنتجات المفضلة لديهم.
اقرأ أيضًا:- إدارة المحتوى والتناغم واثره على تجربة العميل
الصيانة التنبؤية
تتمثل تلك التقنية في توقع الأعطال المحتملة وإخطار العملاء قبل وقوعها، من خلال تحليل بيانات من الأجهزة والمنتجات عبر الذكاء الاصطناعي، كما تساعد على تحسين خدمة العملاء من خلال تحسين تجربة العميل وتقليل وقت توقف الخدمات.
معالجة اللغة الطبيعية NLP
تسمح تقنية معالجة اللغة الطبيعية للآلات بالتعرف على اللغة البشرية المكتوبة والمنطوقة وفهمها، فضلاً عن تحسين التفاعل بين العملاء و مختلف الروبوتات والأنظمة.
اقرأ أيضًا:- سلوك العملاء واتجاهات مستقبل تجربة العملاء الرقمية في الأعوام القادمة
الواقع المعزز والافتراضي
توفر تلك التقنية تجربة تسوق تفاعلية تسمح لهم برؤية المنتجات في بيئات متنوعة قبل شرائها مثل المرآة الذكية على سبيل المثال التي يستخدمها العملاء لرؤية كيف تبدو الملابس المختلفة عليهم.
أمثلة على الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي
هناك العديد من التجارب الواقعية التي تتناول كيفية تفعيل الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي وفيما يلي أبرزها:

تجربة شركة GOL
تعتبر شركة GOL Airlines 73 واحدة من كبرى شركات الطيران المحلي في دولة البرازيل والتي حرصت على تعزيز رضا العملاء ورفع درجة الولاء لديهم نحوها من خلال تحسين تجربتها الرقمية ومعالجة المشكلات الموجودة على موقع الشركة والتطبيق الخاص بها نظراً لعدم إلمامها بأداء كل منهما.
وبعد تعرف الشركة على آليات التعامل مع سلوكيات العملاء ورغباتهم، استطاعت الشركة حل المشكلة في غضون 3 ساعات فقط، مما ساعدها على التغلب على مشكلة الوصول الذاتي الرقمي وتحقيق أرباح وصلت إلى 146,000 دولار، كما بلغ معدل الزيادة في التسجيل حوالي 8%.
اقرأ أيضًا:- 7 مقاييس رضا العملاء يجب أن تعرفها
تجربة منصة Carvana
تعد منصة كارفانا واحدة من منصات التجارة الإلكترونية المتخصصة في بيع وشراء السيارات المستعملة والتي تسمح للزوار بالعثور على السيارات والمفاضلة بينها وتقديم طلبات التمويل وتسليم السيارات واستلامها.
وقد اهتمت المنصة بتحسين الأداء من خلال إجراء اختبارات دقيقة تعزز من تجربة العميل مع إضفاء العديد من المزايا الإضافية على الموقع، وهنا استطاعت المنصة رفع معدل الزيارات إلى نسبة تتراوح بين 8,000,000 حتى 14,000,000 زائر شهرياً، مع تحقيق أرباح وصلت إلى أكثر من 10,000,000 دولار.
اقرأ أيضًا:- عشرة اتجاهات تقنية رئيسية تقود التحول في سلوك المستهلك والأسواق بحسب IDC
التحديات في تطبيق الذكاء الاصطناعي لتجربة العميل
على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يواجه بعض التحديات التي تعيق استخدامه والتي تتلخص فيما يلي:
- جودة البيانات: حيث يحتاج الذكاء الاصطناعي كميات كبيرة من البيانات عالية الجودة، كما يجب أن تكون البيانات دقيقة وشاملة لتعطي نتائج دقيقة، مع التعامل بحذر مع البيانات لحماية خصوصية العملاء.
- التحيز في البيانات: قد يؤدي استخدام البيانات المتحيزة إلى نتائج متحيزة تؤثر سلبًا على تجربة العميل.
- تكلفة التطبيق: حيث تحتاج تطبيقات الذكاء الاصطناعي وجود بنية تحتية قوية ومكلفة، فضلاً عن توفير فريق متخصص لأعمال الصيانة والتطوير.
- القبول لدى العملاء: فقد ينشأ لدى بعض العملاء الشعور بالقلق فيما يتعلق بخصوصيتهم عند استخدام التطبيقات التي تدعم الذكاء الاصطناعي، كما يجب أن يمتلكون الثقة الكافية في الذكاء الاصطناعي للحصول على تجربة مناسبة.
- نقص المهارات: حيث أنه هناك نقص في القوى العاملة المؤهلة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، مما يتطلب ضرورة خضوع الموظفين لتدريبات تعزز لديهم تلك المهارات.
- التكامل مع الأنظمة الحالية: حيث يجب أن تتوافق تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع أنظمة الشركة الحالية وقد يتطلب الأمر المزيد من التكاليف.
- التطور المستمر: حيث يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي مواكبة التغيرات التكنولوجية والتي قد تفتقر إليها بعض المؤسسات.
اقرأ أيضًا:- كيف أضحت خدمة العملاء (العناية بالعملاء) ما بين سنديان الذكاء الإصطناعي و سياسة البقشيش؟
أهم الأسئلة الشائعة
كيف يمكن للشركات تبني الابتكار في تجربة العميل؟
تبني الابتكار في تجربة العميل هو أمر بالغ الأهمية لتعزيز بقاء الشركات وقدرتها على التنافس وسط المتغيرات السوقية المستمرة، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن للشركات انتهاجها لتحقق ذلك:
- إجراء الأبحاث السوقية بصفة مستمر لفهم مدى تطور احتياجات وتوقعات العملاء.
- التفاعل المباشر مع العملاء باستخدام الاستطلاعات بالإضافة إلى جلسات التركيز.
- خلق بيئة تساعد على تشجيع الموظفين على طرح الأفكار الجديدة والمبتكرة فضلاً عن تشجيع التعاون بين كافة الأقسام داخل الشركة لتبادل الأفكار.
- توفير برامج تدريبية للموظفين في الشركات لتحسين مهاراتهم الإبداعية وقدرتهم على حل المشكلات.
- التعاون مع الشركات الناشئة المتخصصة في مجال الابتكار فضلاً عن التعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية ومراكز الابتكار لتطوير الحلول المبتكرة.
- الاختبار السريع للأفكار الجديدة وقياس مدى تأثيرها مع الاستفادة من الأخطاء والتحسين المستمر للأفكار.
- التعامل مع تجربة العميل كرحلة تبدأ من مرحلة قبل الشراء وتستمر إلى خدمات ما بعد البيع.
كيف تواجه الشركات تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العميل؟
توجد بعض الإجراءات التي تستطيع الشركات الاستعانة بها لمواجهة تحديات تطبيق الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي ومنها ما يلي:
- جمع بيانات العملاء وتنظيمها وتحليلها بكل دقة.
- كسب ثقة العملاء فيما يخص استخدام بياناتهم من خلال التعامل بشفافية ووضوح.
- تدريب الموظفين على كيفية استخدام مهارات الذكاء الاصطناعي.
- التعاون مع الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي لتطوير الحلول والمقترحات وتنفيذها بدقة.
اقرأ أيضًا:- قادة تجربة العملاء يلتقون في أكبر حدث لهذا العام في CX Evolve
ما هي ملامح مستقبل الابتكار في تجربة العميل مع الذكاء الاصطناعي؟
يشهد مجال تجربة العميل تطوراً هائلاً نظراً لتقدم مجال الذكاء الاصطناعي بأقصى سرعة، مما يفتح آفاقًا جديدة للابتكار ويعد بتغييرات جذري في طريقة تفاعل الشركات مع عملائها مستقبلاً وذلك على النحو التالي:
- تحليل المشاعر المتقدّم من خلال تحليل تعبيرات الوجه ونبرة الصوت وتحليل النصوص مما يعزز من قدرتهم على توقع احتياجات العملاء وتوفير الدعم المناسب.
- استخدام الأتمتة الذكية مما يعزز من تحسين كفاءة عمليات خدمة العملاء وتقليل وقت الاستجابة.
- الأمن السيبراني المحسّن وذلك من خلال توفير حلول أمنية متقدمة للحفاظ على بيانات العملاء وحماية الشركات من مواجهة الهجمات السيبرانية.
وفي الختام، نجد أنه من الأفضل تطبيق آليات الابتكار في تجربة العميل باستخدام الذكاء الاصطناعي داخل الشركات لتحسين بقائها وقدرتها على المنافسة والتميز من خلال الاهتمام بتوفير تجارب مخصصة ومتكاملة لكافة العملاء تضمن بها ولائهم لخدمتها على المدى البعيد.